الهاتف الشفاف الذي حيّر الملايين على “تيك توك”: هل هو ابتكار ثوري أم خدعة بصرية؟

في الأيام القليلة الماضية، اجتاح مقطع فيديو غريب منصة تيك توك، نشره مستخدم يُدعى “CatGPT”، يُظهر فيه امرأة تقف بهدوء في طابور داخل أحد المتاجر، بينما تمسك بين يديها شيئًا يشبه الهاتف الذكي… لكنه شفاف تمامًا.

بمجرد أن نشر CatGPT الفيديو، أرفقه بتعليق بسيط لكنه مثير:

“أنا آسف، ما هذا؟!”

كان هذا كافيًا لإثارة موجة من التفاعل والدهشة، وفتح الباب أمام سيل من النظريات والتكهنات. فقد حقق الفيديو أكثر من 52 مليون مشاهدة خلال 4 أيام فقط، وأعاد إشعال الجدل حول مستقبل الأجهزة الذكية، وحدود التكنولوجيا، وسلوكنا تجاهها.

الهاتف الشفاف: مجرد تكنولوجيا مستقبلية؟ أم منتج حقيقي؟

مع انتشار الفيديو، بدأ المستخدمون بطرح تساؤلات عديدة:

  • هل هذا الهاتف نموذج أولي من هاتف شفاف لم يُعلن عنه بعد؟
  • هل هناك شركة سرية أو عملاقة في وادي السيليكون تختبر تقنيات المستقبل أمام أعيننا؟
  • هل يكون هذا الجهاز هو “بلكس Plex”، المنتج الشهير الذي يشاع أنه من تطوير نوكيا؟

كل هذه الأسئلة كانت مثيرة، لكنها اصطدمت بإجابة مفاجئة وصادمة في بساطتها…

بحسب تقرير نشره موقع Lifehacker، فإن “الهاتف الشفاف” الذي ظهر في الفيديو ليس جهازًا إلكترونيًا على الإطلاق، وإنما هو قطعة من الأكريليك الشفاف مُصممة لتشبه الهاتف الذكي في الحجم والشكل، ويُطلق عليها اسم “الميثافون – The Methaphone”.

الهدف من هذه القطعة ليس التواصل، ولا حتى عرض معلومات رقمية، بل هو نفسي وسلوكي بحت.
تقول “CatGPT” في فيديو لاحق:

إذا كنا جميعًا مدمنين على هواتفنا، فهل يمكنك الحد من إدمان أحدهم باستبدال شعور وجود هاتف في الجيب بشيء يُشعرك تمامًا بأنك تملك هاتفًا؟“.

الفكرة تقوم على خداع الدماغ بالإحساس الجسدي للهاتف. بما أن كثيرًا من الناس يعانون مما يعرف بـ”phantom phone syndrome” أو متلازمة الهاتف الوهمي – وهي شعور وهمي بأن الهاتف يهتز أو يُمسك رغم أنه غير موجود – فإن حمل “الميثافون” قد يمنح الشخص شعورًا بالاطمئنان والانفصال التدريجي عن الهاتف الحقيقي.

الطلب يفوق التوقعات: الميثافون يُباع بالكامل بعد انتشار الفيديو

بعد تداول الفيديو على نطاق واسع، سجل العديد من المستخدمين إعجابهم بالفكرة الغريبة، وأبدى كثيرون استعدادهم لتجربتها في محاولة للحد من استخدامهم المفرط للهاتف. بحسب تصريحات “CatGPT”، فإن المنتج نُفدت كمياته بالكامل من المتجر الإلكتروني في غضون أيام، ما يعكس اهتمامًا غير متوقع بتلك الفكرة البسيطة والعميقة في الوقت ذاته.

الهواتف الشفافة: بين الواقع والخيال العلمي

بعيدًا عن “الميثافون”، لا يُمكن إنكار أن فكرة الهاتف الشفاف تثير خيال الكثيرين، بل إنها ظهرت مرارًا في أفلام الخيال العلمي، مثل أفلام “Iron Man” و”Blade Runner” وغيرها.

ومن الناحية التقنية، بدأت شركات كبرى مثل سامسونغ وإل جي بتطوير شاشات OLED شفافة، وفعلاً تم عرض نماذج أولية لأجهزة تلفاز شفافة بالكامل، يبلغ سعر أحدها 60,000 دولار.

لكن الهاتف الذكي، بخلاف التلفاز، يحتوي على مكونات معقدة عديدة مثل:

  • البطارية
  • المعالج
  • الكاميرات
  • الدوائر الكهربائية
  • الهوائيات وأجهزة الاستشعار

جعل هذه المكونات شفافة أمر شبه مستحيل بالتقنيات الحالية، أو على الأقل مكلف جدًا وغير عملي، لذلك يُرجح الخبراء أن الهاتف الشفاف الحقيقي سيبقى حكرًا على المعارض والنماذج الأولية لسنوات طويلة.

لماذا تفاعل الملايين مع هذه القصة؟

الاهتمام الواسع لا يعود فقط إلى غرابة المشهد، بل لأن الفيديو يلامس واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في العصر الرقمي: الإدمان على الهواتف الذكية.

نحن نعيش في وقت أصبحت فيه الهواتف امتدادًا لوعينا اليومي. نتحقق من إشعاراتنا باستمرار، نبحث عن الإلهاء، نشعر بالقلق عند غياب الهاتف ولو لدقائق. ومن هنا جاءت جاذبية فكرة “الميثافون” — فهي لا تحارب الإدمان بشكل مباشر، لكنها تحاول تفكيك العلاقة النفسية والفيزيائية مع الهاتف بطريقة ناعمة وساخرة.