في خطوة تعكس طموحات الصين التكنولوجية وتنافسها المتسارع مع الغرب، كشفت شركة “علي بابا” الصينية عن أول نظارات ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مصممة لتكون أداة مساعدة في الحياة اليومية. هذا الإعلان جاء خلال معرض “الذكاء الاصطناعي العالمي” لعام 2025 في مدينة شنغهاي، ويعتبر مؤشراً قوياً على دخول العملاق الصيني إلى سوق الأجهزة الذكية القابلة للارتداء، الذي يشهد تطوراً متسارعاً.
النظارات الجديدة من “علي بابا”، والتي طُوّرت ضمن فريق Alibaba Cloud، ليست مجرد أداة للرؤية أو الترفيه، بل تهدف لتكون مساعداً شخصياً ذكياً. فهي مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار صغيرة، بالإضافة إلى تقنية تعرف بصري على العناصر والأشخاص، وتتكامل مع نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بـ”علي بابا” المسمى “تونغيي تشي تشيان”، القادر على تحليل المشاهد والتفاعل صوتياً مع المستخدم.
وبحسب العروض التجريبية التي شهدها المعرض، فإن النظارات تتيح للمستخدمين تلقي معلومات فورية عن الأشياء التي ينظرون إليها، سواء كانت لافتات، منتجات، أو حتى أشخاص. كما يمكن استخدامها لأغراض الترجمة اللحظية، أو قراءة النصوص لمن يعانون من ضعف في البصر، مما يجعلها أداة مفيدة في الحياة اليومية، وخصوصاً في المواقف التي تتطلب سرعة في الفهم والتفاعل.
أحد الجوانب اللافتة في هذه النظارات هو تركيزها على دعم ذوي الإعاقات البصرية. فقد أوضح المطورون أن التكنولوجيا المدمجة في النظارات ستسهم في مساعدة المكفوفين أو ضعاف البصر على التنقل والتفاعل بشكل أكثر استقلالية مع محيطهم. حيث بإمكان النظارات وصف المشهد، وتحذير المستخدم من العوائق، بل وحتى قراءة العلامات والكتابات بصوت مسموع.
التصميم جاء بسيطاً وأنيقاً، أقرب ما يكون إلى النظارات التقليدية، ما يجعل ارتداءها غير لافت للانتباه. كما صُمّمت ببطارية تدوم لعدة ساعات، ويتم شحنها بسهولة، ما يجعلها مناسبة للاستخدام اليومي المستمر.
هذه الخطوة تأتي في وقت تتسابق فيه كبرى شركات التقنية مثل “أبل” و”ميتا” و”غوغل” لتطوير أجهزة ذكية يمكن ارتداؤها، تدمج بين الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، في محاولة للانتقال من مرحلة الشاشات إلى ما يسمى “الحوسبة المحيطة” — أي أن يصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً طبيعياً من محيط الإنسان اليومي.
لكن المنافسة لن تكون سهلة. فبينما تتمتع “علي بابا” بإمكانات كبيرة على مستوى تطوير الذكاء الاصطناعي، إلا أن السوق العالمي يخضع لمعايير صارمة، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية، وحماية البيانات، والتكامل مع الأنظمة الأخرى. ومع ذلك، فإن النظارات الجديدة تشير إلى تطور ملحوظ في الصناعات التقنية الصينية، وانتقالها من مرحلة التقليد إلى الابتكار.
وفي ظل هذا السباق، يبقى السؤال المطروح: هل تصبح هذه النظارات الذكية خطوة جديدة نحو مستقبل يتكامل فيه الإنسان مع الآلة؟ يبدو أن “علي بابا” تراهن على ذلك.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.