الإمارات والسعودية: قوى صاعدة في مجال الذكاء الاصطناعي

أظهر تقرير حديث صادر عن شركة TRG Datacenters الأمريكية أن كلًا من الإمارات والسعودية احتلتا مكانة متقدمة ضمن أفضل ثلاث قوى عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، متفوقتين على دول مثل كوريا الجنوبية وفرنسا والصين. هذا التصنيف يعكس جهود البلدين الطموحة في تطوير بيئة مبتكرة لتعزيز التقنيات الحديثة، ويدل على التزامهما بالتحول الرقمي كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي والاجتماعي. 

الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي

تلعب البنية التحتية دورًا محوريًا في تحقيق هذا التصنيف. استثمرت الإمارات والسعودية بشكل مكثف في مراكز البيانات، والمنصات السحابية، وتقنيات تعلم الآلة، بما يسهم في تسريع عمليات البحث والتطوير. الإمارات، على سبيل المثال، أطلقت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI)، وهي مؤسسة أكاديمية متخصصة بالكامل في تعليم أبحاث الذكاء الاصطناعي، بينما أعلنت السعودية عن مشاريع ضخمة في مدينة نيوم تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في كل جانب من جوانب الحياة.

المواهب المحلية وتطوير الكوادر

يعتبر الاستثمار في الموارد البشرية من العوامل الأساسية وراء هذا التقدم. كلا البلدين أطلقا برامج تدريبية ومبادرات تعليمية لتأهيل الشباب، وتطوير مهاراتهم في مجالات الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، والتعلم الآلي. كما يشجعان الجامعات والمؤسسات الأكاديمية على التعاون مع الشركات العالمية لرفع مستوى الخبرة التقنية، ما يخلق جيلًا جديدًا من الباحثين والمطورين القادرين على المنافسة عالميًا.

التعاون الإقليمي والدولي

إضافةً إلى الاستثمار المحلي، حرصت الإمارات والسعودية على بناء شراكات استراتيجية مع دول ومؤسسات عالمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي. يشمل ذلك تبادل الخبرات، والمشاريع البحثية المشتركة، والمشاركة في المؤتمرات الدولية. هذه الخطوات تعزز مكانتهما كجهات فاعلة قادرة على صياغة معايير مستقبلية في استخدام الذكاء الاصطناعي، وتوسيع شبكة التعاون التقني والاقتصادي.

الذكاء الاصطناعي والتنمية المستدامة

أحد أبرز أهداف البلدين هو استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز التنمية المستدامة. في الإمارات، ساهمت مشاريع الذكاء الاصطناعي في تحسين الرعاية الصحية، إدارة الطاقة، والمواصلات الذكية. وفي السعودية، تم تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الزراعة الذكية، الرعاية الصحية، والخدمات الحكومية، ما يقلل الهدر ويزيد من الكفاءة. هذا الاستخدام العملي يضمن أن تكون هذه التكنولوجيا أداة لتحقيق رفاهية المواطنين والمقيمين على حد سواء.

منافسة عالمية واستراتيجيات طويلة المدى

إن دخول الإمارات والسعودية قائمة القوى الكبرى في الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على الإنجازات التقنية، بل يعكس استراتيجيات طويلة المدى لبناء اقتصاد معرفي متكامل. هذا يشمل وضع سياسات داعمة للابتكار، تسهيل تأسيس الشركات الناشئة في القطاع التكنولوجي، وتوفير بيئة تشريعية وتنظيمية محفزة لتطوير الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعّال.
تصنيف الإمارات والسعودية ضمن أفضل ثلاث قوى عالمية في الذكاء الاصطناعي هو مؤشر واضح على نجاحهما في دمج الابتكار، التعليم، والاستثمار الاستراتيجي في هذا المجال. التقدم في هذا القطاع لا يقتصر على التنافس العالمي فقط، بل يمثل خطوة نحو تحسين جودة الحياة، دعم الاقتصاد الرقمي، وتعزيز موقع المنطقة على الخارطة التقنية العالمية. مع استمرار تطوير البنية التحتية، وبناء الكوادر البشرية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، من المتوقع أن تواصل الإمارات والسعودية تعزيز مكانتهما كرواد عالميين في الذكاء الاصطناعي.