دبي تنافس أمريكا في جذب كفاءات الذكاء الاصطناعي

لا يمكن إنكار أن دبي والإمارات بشكل عام باتتا تحتلان مكانة مرموقة على الخريطة التقنية العالمية، خاصة في قطاع الذكاء الاصطناعي. ففي السنوات الأخيرة، أثبتت الدولة قدرتها الفائقة على جذب الخبرات العالمية لدرجة يكاد يضاهي منافسة الولايات المتحدة في هذا المجال الحيوي. فرغم أن أمريكا لا تزال الرائدة بلا منازع بفضل تاريخها الطويل في البنية التحتية والشرائح المعرفية، فقد أصبح لدبي الإمكانيات والإغراءات التي لا يستهان بها.

تشير بيانات التقارير إلى أن الإمارات تحتل مراتب متقدمة بين الدول الأكثر جذبًا لكفاءات الذكاء الاصطناعي، حيث بلغت حصتها من المواهب العالمية ما يقارب 0.7%، مما يجعلها ضمن أبرز عشرين وجهة دولية للراغبين في العمل بمجالات الذكاء الاصطناعي. كما يحتفل البلد بدور ريادي إقليميًا في هذا المجال، إذ تعتبر الأولى عربيًا في هذا التصنيف، وهذا بفضل خطط استراتيجية عالية الدقة وبيئة محفزة ومتكاملة تتوفر فيها عوامل الجذب المادية والثقافية.

المقارنة بدول كإيطاليا أو روسيا باتت أقل أهمية الآن؛ فالإمارات تمضي بخطى ثابتة نحو بناء منظومة تكنولوجية جاذبة، مدعومة بسياسات واضحة، واستثمارات ضخمة في البنية التحتية والتعليم والبحث العلمي. حتى أن الإمارات احتلت مرتبة ثالثة عالميًا من حيث جذب المتخصصين في الذكاء الاصطناعي – بعد الولايات المتحدة فقط – مع تسارع في حجم الاستثمارات في التعليم والبحث والبرامج الأكاديمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

انطلاقًا من رؤية استراتيجية واضحة، تولي الدولة اهتمامًا فريدًا بتطوير الكفاءات المحلية ومواصلة الجذب الخارجي للخبراء عبر حوافز مغرية مثل نظام الفيزا الذهبية، الذي تم تحديثه ليشمل المبدعين في مجال الذكاء الاصطناعي وغيرها من التخصصات التقنية الدقيقة. هذه البرامج تمكّن المحترفين من الإقامة طويلة الأمد، والعمل ضمن منظومة مستقرة وآمنة ذات امتيازات مادية ملموسة، إلى جانب بنية تحتية متطورة وخلوّ من الضرائب على الدخل.

في السياق ذاته، أظهرت تقارير دولية أن الإمارات كانت من بين الدول العشر الأولى عالميًا في جذب المواهب بفضل صفقاتها الكبيرة في الذكاء الاصطناعي، وإطلاقها مبادرات جامعية وتطوير منظومات بحثية قوية. فقد شهدت الإمارات خلال الفترة الأخيرة تدفقًا ملحوظًا للمواهب الأجنبية في مجالات مثل الهندسة، البيانات، التعلم الآلي، والرؤية الحاسوبية. وظهر ذلك جليًا خلال فعاليات مثل GITEX، حيث ركزت تصريحات مسؤولي الدولة على أن الإمارات هي الوجهة الأولى تلي الولايات المتحدة في جذب الخبرات التقنية على مستوى العالم.

ولعل أحد أبرز العوامل هو معدلات الرواتب المغرية. حيث يبلغ راتب مهندس الذكاء الاصطناعي أو المهندس المتخصص في التعلم الآلي في دبي أرقامًا تنافس ما هو متعارف عليه في السوق الأمريكية، خاصة أنها مقدمة في بيئة خالية من ضريبة الدخل، مع جودة معيشة عالية، وخدمات متطورة، ومستوى أمان مثالي. وتشير دراسات مقارنة إلى أن رواتب المهن التقنية في دبي تفوق الأجنبية بنسبة تصل إلى 30%، مع انخفاض نسبي في التكلفة المعيشية مقارنة بمدن مثل لندن أو نيويورك.

دبي ليست مجرد وجهة بديلة للمهندسين والخبراء، بل هي الوجهة المفضلة. بين بيئة مواتية، وبنية تحتية حديثة، ورواتب منافسة، وبرامج إقامة ذكية، نجحت الإمارات في بناء صورة قوية كمركز لجذب المواهب التقنية ومستقبل الذكاء الاصطناعي. الإمارات تتقدم بخطى ثابتة نحو أن تصبح الوجهة العالمية للنخبة التقنية التي تسعى إلى بيئة عمل مستقرة، آمنة، وتحترم الطموح والإبداع.