60٪ من تطبيقات الأطفال تتجسس على المستخدمين

كشفت دراسة أجرتها مؤسسات متخصصة في الأمن الرقمي عن حقيقة صادمة: نحو 60٪ من تطبيقات الأطفال التي تُستخدم حول العالم تتجسس على المستخدمين الصغار وتجمع بياناتهم دون إذن واضح من الأهل.

الدراسة، سلطت الضوء على أن كثيرًا من التطبيقات التي تبدو تعليمية أو ترفيهية تطلب أذونات غير ضرورية مثل الوصول إلى الموقع الجغرافي أو الكاميرا أو الميكروفون، مما يثير مخاوف جدية بشأن سلامة وخصوصية الأطفال على الإنترنت.

ما الذي تفعله هذه التطبيقات بالبيانات؟

جمع معلومات شخصية دون علم المستخدم

وفقًا للتقرير، تقوم بعض التطبيقات بجمع معلومات مثل:

  • الموقع الجغرافي الدقيق للطفل.
  • بيانات الجهاز المستخدم ونوعه.
  • سجل الاستخدام والأنشطة داخل التطبيق.
  • حتى التسجيلات الصوتية والصور في بعض الحالات.

تُستخدم هذه البيانات في أغراض إعلانية وتجارية، أو تُباع لشركات طرف ثالث تستغلها لإنشاء ملفات رقمية تفصيلية عن الأطفال، وهو أمر يُعتبر انتهاكًا خطيرًا للخصوصية.

أذونات التطبيقات: إشارات يجب أن تُقلق الآباء

أذونات تُستخدم للتجسس

هناك مجموعة من الأذونات التي ينبغي على الآباء الانتباه إليها قبل تحميل أي تطبيق لأطفالهم:

  • الوصول إلى الكاميرا: قد يُستخدم لتسجيل الصور أو الفيديو دون إشعار.
  • الوصول إلى الميكروفون: يسمح للتطبيق بالاستماع للمحادثات أو التسجيل في الخلفية.
  • تحديد الموقع الجغرافي: يمكّن التطبيق من تتبع تحركات الطفل بدقة.
  • الوصول إلى الملفات والصور: يمنح التطبيق قدرة على قراءة أو تعديل الملفات الشخصية.

غالبًا ما تُخفي هذه الأذونات خلف عبارات عامة مثل “تحسين تجربة المستخدم”، ما يجعل الأهل يوافقون عليها دون وعي بخطورتها.

لماذا يُعد هذا الأمر مقلقًا؟

الاستغلال التجاري للأطفال

أوضح التقرير أن بعض الشركات تستخدم البيانات التي تجمعها من الأطفال لتوجيه إعلانات مستهدفة أو تحليل سلوكهم الرقمي.
الأمر لا يتوقف عند الإعلانات فحسب، بل يمتد إلى التأثير على تفضيلات الأطفال وتشكيل قراراتهم الشرائية منذ سن مبكرة.

التهديد الأمني

تُعد المعلومات التي يتم جمعها من هذه التطبيقات هدفًا ثمينًا للقراصنة، إذ يمكن استخدامها في اختراق الحسابات أو عمليات انتحال الهوية الرقمية، وهو ما يشكل خطرًا مزدوجًا على الأطفال وأسرهم.

كيف يمكن للآباء حماية أطفالهم؟

1. قراءة الأذونات بعناية

قبل تحميل أي تطبيق، يجب على الآباء قراءة قائمة الأذونات الممنوحة للتطبيق، والتأكد من أن جميعها مرتبطة بوظائف منطقية.

2. الاعتماد على المتاجر الموثوقة فقط

يُنصح بتحميل التطبيقات فقط من Google Play أو App Store، حيث تخضع لمعايير مراجعة أكثر صرامة، وتوفر إشعارات حول الأذونات الحساسة.

3. استخدام أدوات المراقبة الأبوية

توفر شركات مثل Google Family Link وApple Screen Time أدوات فعالة تسمح للأهل بمراقبة التطبيقات المثبتة على أجهزة أطفالهم وتحديد الأذونات المسموح بها.

4. تثقيف الأطفال حول الخصوصية

من المهم أن يتحدث الأهل مع أطفالهم عن أهمية حماية معلوماتهم الشخصية، وتعليمهم عدم منح الأذونات أو مشاركة البيانات دون إذن مسبق.

الجهود التنظيمية لحماية الأطفال رقمياً

تزايدت الدعوات في السنوات الأخيرة لوضع قوانين أكثر صرامة لتنظيم التطبيقات الموجهة للأطفال.
بعض الدول، مثل الاتحاد الأوروبي، فرضت قيودًا عبر لائحة GDPR تمنع جمع البيانات من القاصرين دون موافقة الأهل الصريحة.
وفي المقابل، تعمل الهند والولايات المتحدة على سن تشريعات جديدة تضمن أن تكون تطبيقات الأطفال خالية من تتبع الإعلانات أو المراقبة السلوكية.

توصيات الخبراء: الأمن يبدأ من المنزل

يؤكد خبراء التكنولوجيا أن الحماية الرقمية تبدأ من وعي الأهل. فحتى مع القوانين والتنظيمات، يبقى التحكم الفردي في الأذونات والتطبيقات هو السلاح الأقوى لحماية الأطفال من مخاطر التجسس.

كما نصحوا الأهل باستخدام تطبيقات بديلة مفتوحة المصدر تضمن خصوصية المستخدم، ومتابعة التحديثات الأمنية باستمرار، لتفادي أي ثغرات قد تُستغل من قبل أطراف خارجية.

مسؤولية مشتركة لحماية جيل المستقبل

تسلّط هذه التقارير الضوء على تحدٍ متزايد في العالم الرقمي: كيف نحافظ على خصوصية الأطفال في عصر التطبيقات الذكية؟
الحل لا يكمن فقط في القوانين، بل في الوعي الأسري، والاختيار الذكي للتطبيقات، والمراقبة المستمرة.
ومع ازدياد اعتماد الأطفال على الأجهزة الذكية للتعلم والترفيه، تبقى حماية خصوصيتهم مسؤولية لا يمكن التهاون فيها.