تحكم كامل: “الكبسولة” تمكّن الروبوتات من محاكاة حركة البشر بدقة مذهلة.

في وقتٍ تتسارع فيه الابتكارات التقنية لتقريب المسافات وتوسيع قدرات الإنسان، ظهرت تقنية يابانية واعدة قد تُحدث تغييراً جذرياً في شكل العلاقة بين البشر والروبوتات. حيث كشفت شركة H2L، وهي شركة ناشئة مقرها العاصمة طوكيو، عن جهاز مبتكر يحمل اسم “واجهة الكبسولة”، يُمكّن المستخدم من نقل كامل حركته الجسدية وحتى جهده العضلي إلى روبوت بشري أو شخصية افتراضية، ما يُمهّد الطريق لتجارب تفاعلية غير مسبوقة وتعاون عن بُعد بمستوى واقعية لم نشهده من قبل.

من التحكم عن بُعد إلى تجسيد النية الجسدية

ما يميز هذه التقنية عن حلول التحكم التقليدية هو تركيزها على النية الجسدية، وليس مجرد تنفيذ الحركة. بدلاً من الاعتماد فقط على مستشعرات الحركة أو التتبع البصري، تستخدم واجهة الكبسولة أجهزة استشعار متطورة تُقيس إزاحة العضلات وتوترها بدقة عالية. هذه البيانات تُترجم فورياً إلى حركة في الروبوت، مع احتساب القوة المطلوبة لأداء المهمة. بمعنى آخر، لا يقوم الروبوت بالحركة فقط، بل “يشعر” بها كما يشعر بها الإنسان، فيُقلّد بدقة الجهد المبذول، مثل رفع صندوق ثقيل أو الضغط على سطح ما.

وقد نشرت الشركة مقطعاً مصوراً يُظهر سيدة تتحكم عن بُعد بروبوت بشري من طراز H1 التابع لشركة Unitree Robotics، حيث أتم الروبوت مهاماً عملية كتنظيف الأرض ورفع الصناديق والتفاعل مع أشخاص، وكأن السيدة هي من تؤدي المهام بنفسها من مكانٍ بعيد.

نقلة نوعية في التجربة التفاعلية

وما يجعل هذه التقنية أكثر تفرداً هو رؤية الشركة في دمجها ضمن أنماط الحياة اليومية دون الحاجة لتجهيزات معقدة أو تدريب متخصص. فالجهاز يُمكن تركيبه داخل كرسي أو سرير، ويأتي مزوداً بشاشة عرض ومكبرات صوت ومستشعرات عضلية، ليتيح للمستخدم تجربة تشغيل روبوتات من أي مكان، حتى وهو جالس أو مستلقٍ.

وفقاً لتقرير منشور في منصة “إنتريستنغ إنجينيرينغ”، فإن H2L تطمح إلى جعل هذه الواجهة بمثابة امتداد طبيعي لجسد الإنسان، ما يجعل التحكم عن بُعد أمراً بديهياً وسلساً، لا يتطلب مجهوداً أو معرفة تقنية متقدمة.

تطبيقات متعددة تمتد إلى مختلف القطاعات

التقنية لا تقتصر على المجال الترفيهي أو الابتكار العلمي، بل تمتد لتشمل مجالات واسعة، منها:

  • العمل عن بُعد: تمكين الأفراد من التحكم بروبوتات بشرية لتنفيذ مهام في مواقع بعيدة دون السفر.
  • البيئات الخطرة: دعم تنفيذ مهام في مناطق الكوارث أو المواقع السامة دون تعريض الإنسان للخطر.
  • الرعاية المنزلية: توفير مساعدة ذكية لكبار السن والعائلات في الأعمال المنزلية اليومية.
  • الزراعة الذكية: استخدام الروبوتات في الحقول مع إمكانية مشاركة الخبرات بين المزارعين في مواقع مختلفة.
  • الطب والتعليم والترفيه: عبر خلق تفاعل واقعي وغامر مع شخصيات افتراضية، ما يعزز من جودة التجربة الإنسانية.

نحو تجسيد أعمق للمشاعر والاتصال الحسي

H2L لا تنوي التوقف عند هذا الحد، بل تخطط لإضافة تقنيات الاستجابة الحسية العكسية (Haptic Feedback)، التي تُتيح للمستخدم أن “يشعر” بما يلمسه الروبوت عن بُعد. هذه الخطوة ستمنح التفاعل طابعاً عاطفياً وواقعياً أكبر، وتُساهم في تطوير مستوى غير مسبوق من الاندماج الجسدي والعقلي في التجربة الآلية.

التطور العالمي في نفس الاتجاه

ويأتي هذا التقدم تزامناً مع مشاريع مشابهة مثل TWIST، وهو مشروع بحثي أطلقه علماء من جامعتي ستانفورد وسيمون فريزر في مايو 2025، ويهدف إلى تمكين الروبوتات من محاكاة حركة الإنسان بدقة زمنية آنية. هذه التوجهات تُظهر أن مستقبل التفاعل الإنساني الآلي يشهد حالياً نقلة نوعية، ليس فقط على مستوى الكفاءة بل على مستوى الواقعية الحسية والانغماس العاطفي.