هل تتذكر خدمات تطبيقات “السوبر أب” مثل WeChat في الصين؟ الآن تسعى شركة Meta لتحويل WhatsApp إلى منصة مماثلة، تجمع الرسائل، والدفع، والتجارة، والخدمات الذكية — جميعها داخل تطبيق واحد، في خطوة استراتيجية قد تغيّر شكل استخدامنا للتطبيقات في المستقبل.
من دون إعلان ضخم، تنكب Meta على تطوير WhatsApp ليصبح أكثر من مجرد وسيلة للمحادثة. الفكرة هي إنشاء تطبيق يقدم مجموعة واسعة من الوظائف مثل الدفع، والتسوق، ودعم الأعمال، والذكاء الاصطناعي، وقادر على منافسة تطبيقات السوبر المتقدمة في الأسواق الآسيوية، مع تكييف التجربة لتناسب المستخدم الغربي.
ضمن هذه الخطة، تعمل Meta على دمج خدمات التجارة الإلكترونية والدفع داخل التطبيق، بحيث يمكن للشركات والعلامات التجارية بيع منتجاتها مباشرة من خلال WhatsApp باستخدام أدوات الدفع الخاصة بالتطبيق والمتوفرة حاليًا في بعض الأسواق مثل الهند والبرازيل. كما تعمل الشركة على دعم ما يعرف بـ”التطبيقات المصغرة”، وهي خدمات صغيرة يمكن تشغيلها داخل المحادثات مثل حجز سيارة أو طلب طعام أو دفع فاتورة، وكل ذلك من دون مغادرة التطبيق.
من جهة أخرى، تدمج Meta قدرات الذكاء الاصطناعي مباشرة في WhatsApp، حيث يمكن للمستخدم التفاعل مع مساعدين رقميين أذكياء يوفرون الدعم، ويجيبون على الاستفسارات، بل ويساعدون في تنفيذ المهام اليومية، معتمدين على نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة التي طورتها الشركة مؤخرًا.
تستند Meta في رهانها على WhatsApp إلى عدة عوامل مهمة. أبرزها القاعدة الضخمة من المستخدمين التي تصل إلى نحو 3 مليارات شخص حول العالم، ومعظمهم من الأسواق الناشئة، حيث أصبح التطبيق جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. في الوقت نفسه، تفتقر الأسواق الغربية إلى تطبيق سوبر حقيقي، ما يمنح Meta فرصة لتكون السباقة. كما أن التغيرات التنظيمية الجديدة في أوروبا والضغوط المتعلقة بمكافحة الاحتكار قد تتيح لـMeta تقديم بديل مرن للنظام التقليدي المعتمد على تعدد التطبيقات.
لكن التحديات لا تغيب عن المشهد. أهمها تلك المتعلقة بالخصوصية، إذ إن دمج أدوات الإعلانات والدفع داخل WhatsApp قد يثير تحفظات كبيرة لدى المستخدمين ومنظمات حماية البيانات. كذلك، فإن المستخدم الغربي لا يزال يفضل استخدام تطبيقات منفصلة لكل خدمة، ما قد يصعّب تبنّي الفكرة في هذه الأسواق. على الجانب التقني، فإن بناء بنية تحتية قوية وآمنة لتشغيل التطبيقات المصغرة وضمان سلاسة الأداء يعتبر تحديًا كبيرًا.
في حال نجحت Meta في تجاوز هذه العقبات، فإن المستخدمين سيحصلون على تجربة متكاملة داخل التطبيق نفسه، حيث يمكنهم التسوق، الدفع، حجز الخدمات، وحتى التفاعل مع الشركات والروبوتات الذكية—all in one place. وستتمكن الشركات من تقديم خدمات مدفوعة، أو دعم مباشر، أو منتجات رقمية بشكل سلس ومباشر داخل التطبيق. كما سيكون بإمكان المستخدم الاعتماد على مساعدين ذكيين لتحسين تجربته اليومية والتفاعل بطرق أكثر مرونة وذكاء.
ببساطة، Meta لا تسعى إلى تقليد التجربة الآسيوية بحذافيرها، بل تقتبس منها وتعيد صياغتها بطريقة تناسب احتياجات وأسواق مختلفة. وإذا ما كُتب لهذه الاستراتيجية النجاح، فقد نكون أمام واحدة من أكبر التحولات في طريقة استخدامنا لتطبيقات الهواتف الذكية.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.