أعلنت شركة تيك توك عن خططها لإغلاق قسم “الثقة والسلامة” في مكتبها ببرلين، مما سيؤدي إلى تسريح حوالي 150 موظفًا، أي نحو 40% من إجمالي الفريق المسؤول عن الإشراف على المحتوى في السوق الناطقة بالألمانية. يأتي هذا القرار في إطار استراتيجية عالمية تهدف إلى الاعتماد بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي والعمالة المتعاقدة لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف التشغيلية. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام، سيتم استبدال هذه الوظائف بأنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة تم تطويرها وتدريبها بواسطة شركة بايت دانس، المالكة لتطبيق تيك توك، بالإضافة إلى متعاقدين خارجيين، ما يعكس توجه الشركة نحو التشغيل الجزئي والرقمي في مراقبة المحتوى.
تجدر الإشارة إلى أن تيك توك قامت بتطبيق إجراءات مماثلة في دول أخرى مثل هولندا وماليزيا، وهو ما أثار مخاوف واسعة حول قدرة الذكاء الاصطناعي على التعامل مع تعقيدات المحتوى الضار بشكل دقيق، خصوصًا فيما يتعلق بالتحقق من السياق والثقافة المحلية. هذا التحول أثار اعتراض النقابات العمالية في ألمانيا، حيث نظمت نقابة “فيردي” احتجاجات وإضرابات للمطالبة بتحسين شروط الفصل، مع تقديم إشعارات مسبقة أطول للموظفين المتأثرين، وانتقاد الشركة لعدم الدخول في مفاوضات معهم.
التحديات القانونية وتأثير الذكاء الاصطناعي
من الناحية القانونية والتنظيمية، يطرح هذا القرار تحديات كبيرة أمام تيك توك، خصوصًا في ظل القوانين الأوروبية الصارمة مثل “قانون الخدمات الرقمية” (DSA)، الذي يفرض على المنصات الرقمية مسؤولية كبيرة في مراقبة المحتوى الضار وحماية المستخدمين من المعلومات المضللة أو المؤذية. بعض الخبراء يشيرون إلى أن الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى أخطاء في تصنيف المحتوى، إما بحذف محتوى غير ضار أو بعدم اكتشاف محتوى ضار، مما يخلق مخاطر على تجربة المستخدمين وسمعة المنصة.
كما أن هذا التحول يسلط الضوء على الصراع بين تحسين الكفاءة التشغيلية والحفاظ على جودة الإشراف البشري. بينما تسعى تيك توك للاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتقليل التكاليف وزيادة السرعة في معالجة المحتوى، يبقى السؤال حول قدرة الخوارزميات على فهم السياق البشري والثقافي بشكل دقيق، وهو ما يعتبر جوهريًا لضمان أمان المستخدمين وحماية تجربتهم على المنصة. هذه الخطوة قد تؤثر أيضًا على مستقبل فرق الإشراف البشري في المكاتب الأخرى لتطبيق تيك توك حول العالم، ما يفتح نقاشًا واسعًا حول دور الذكاء الاصطناعي في منصات التواصل الاجتماعي.
يمثل هذا القرار تحولًا كبيرًا في كيفية إدارة المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يتضح تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على سوق العمل وأمان المستخدمين في الوقت ذاته. بينما تؤكد تيك توك التزامها بالحفاظ على سلامة وخصوصية المستخدمين، إلا أن هذه الخطوة تثير تساؤلات حول التوازن بين الكفاءة التشغيلية وجودة الإشراف البشري، ودور التكنولوجيا في المستقبل الرقمي لمنصات التواصل الاجتماعي.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.