الصين تُنقذ أبل من أزمة عالمية في صناعة الرقائق

بعد أيام من القلق الذي خيّم على أسواق التكنولوجيا، أعلنت الصين أنها ستفرض قيودًا جديدة على تصدير المعادن النادرة — وهي عناصر أساسية في صناعة الرقائق الإلكترونية — لكنها استثنت الشركات الكبرى مثل TSMC وسامسونغ من تلك القيود.
الخبر كان بمثابة جرعة أمل لشركة أبل (Apple)، التي تعتمد بشكل كبير على تلك الشركات في تصنيع شرائح أجهزتها، خصوصًا رقائق سلسلة M وA التي تشغّل منتجاتها الحديثة.

ما الذي حدث بالضبط؟

قيود الصين على المعادن النادرة

الصين، التي تُعتبر أكبر منتج ومُصدّر للمعادن النادرة في العالم، أعلنت مؤخرًا عن لوائح جديدة لتنظيم تصدير بعض العناصر الحيوية مثل الغاليوم والجرمانيوم.
هذه الخطوة جاءت كجزء من استراتيجية بكين للسيطرة على الموارد الاستراتيجية في ظل التوترات الاقتصادية والتكنولوجية المتصاعدة مع الغرب.

الاستثناء المفاجئ الذي أنقذ أبل

لكن المفاجأة كانت أن الصين استثنت صراحة الشركات التي تزود أبل — مثل TSMC التايوانية وسامسونغ الكورية الجنوبية — من القيود.
هذا القرار يعني أن إنتاج شرائح M3 وA18 المستخدمة في أجهزة ماك وآيفون لن يتأثر، وهو ما اعتبرته أبل انفراجة كبرى في وقت حساس تشهد فيه أسواق التكنولوجيا اضطرابات متعددة.

أهمية هذه الخطوة لصناعة التكنولوجيا

تجنب أزمة سلاسل التوريد

الرقائق الإلكترونية تعد القلب النابض لأي جهاز ذكي، وأي خلل في توريدها يعني توقف خطوط إنتاج عملاقة مثل أبل وسامسونغ وإنتل.
وبما أن المعادن النادرة أساسية في صناعة هذه الرقائق، فإن القيود الصينية كان يمكن أن تسبب أزمة عالمية جديدة تشبه أزمة الشرائح التي ضربت القطاع بين عامي 2020 و2022.

بالتالي، فإن الاستثناء الحالي منح الشركات هامش استقرار مؤقت وأعاد الثقة إلى الأسواق العالمية، خصوصًا في ظل التنافس الأمريكي-الصيني المتصاعد على الهيمنة التكنولوجية.

لماذا تستهدف الصين صادرات المعادن النادرة؟

ورقة ضغط في الصراع التكنولوجي

يعتبر العديد من المحللين أن الصين تستخدم المعادن النادرة كورقة ضغط في مواجهة القيود الأمريكية على تصدير التكنولوجيا المتقدمة.
فبعد أن فرضت واشنطن حظرًا على توريد الرقائق عالية الأداء إلى الصين، جاء الرد الصيني بالتحكم في المواد الخام الضرورية لإنتاجها.

لكن الاستثناءات تعكس توازنًا دقيقًا

في المقابل، يبدو أن بكين تحاول الموازنة بين حماية مصالحها الاستراتيجية وعدم الإضرار بالاقتصاد العالمي الذي تستفيد منه أيضًا.
استثناء شركات مثل TSMC وسامسونغ — اللتين تعتبران محوريتين في سلاسل التوريد العالمية — يدل على رغبة الصين في تجنب تصعيد جديد قد يؤدي إلى شلل في السوق العالمية.

أبل في قلب العاصفة الجيوسياسية

اعتماد كبير على آسيا

تعتمد شركة أبل اعتمادًا شبه كامل على آسيا في تصنيع شرائحها ومكونات أجهزتها.
وتُعد TSMC الشريك الأساسي لأبل في تصنيع رقائق M وA المستخدمة في أجهزة ماك وآيفون وآيباد.
كما تلعب مصانع سامسونغ دورًا في إنتاج شاشات OLED والذاكرة العشوائية، ما يجعل من الصعب على أبل فك ارتباطها الآسيوي بسهولة رغم التوترات السياسية.

استراتيجية التنويع مستمرة

على الرغم من استثناء الصين لرقائقها من القيود، إلا أن أبل لا تزال ماضية في استراتيجيتها لتنويع سلاسل الإمداد.
فالشركة تعمل على نقل جزء من إنتاجها إلى الهند وفيتنام لتقليل اعتمادها على الصين، تحسبًا لأي أزمات مستقبلية.

تأثير القرار على السوق العالمية

ارتفاع مؤقت في أسعار المعادن

سجّلت الأسواق ارتفاعًا طفيفًا في أسعار المعادن النادرة بعد الإعلان عن القيود، قبل أن تعود إلى التوازن عقب تأكيد الاستثناءات.
ويرى المحللون أن الأسواق التكنولوجية كانت مهددة بصدمة كبيرة لو لم يتم استثناء الشركات الكبرى من القرار الصيني.

مكاسب مؤقتة لأسهم أبل وTSMC

على الفور، شهدت أسهم أبل وTSMC ارتفاعًا في التداولات، مع تفاؤل المستثمرين بأن استقرار سلاسل التوريد سيستمر على المدى القريب.
ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة من أي تغييرات مفاجئة في السياسة الصينية قد تُعيد الاضطراب إلى السوق.

أبل تتنفس… لكن القلق مستمر

قرار الصين باستثناء شركات الرقائق الكبرى من قيود المعادن النادرة كان خبرًا مفرحًا لأبل وصناعة التكنولوجيا بأكملها.
لكن الخبراء يؤكدون أن هذا الهدوء مؤقت، وأن التوترات الجيوسياسية قد تعود لتفرض موجات جديدة من الاضطراب في سلاسل التوريد.

في الوقت الحالي، تبدو أبل وكأنها نجت من أزمة كبرى، لكن السؤال يبقى:
إلى متى يمكن للشركات الأمريكية أن تظل في أمان وسط هذا الصراع الاقتصادي المتصاعد؟