مشروع Google Suncatcher: طاقة شمسية من الفضاء للذكاء الاصطناعي

تسعى جوجل مرة أخرى إلى توسيع حدود التكنولوجيا بمشروع جديد يحمل اسم Suncatcher، وهو مبادرة تجمع بين الطاقة الشمسية والذكاء الاصطناعي لتشغيل مراكز بيانات الشركة بشكل مستدام.
يهدف المشروع إلى إرسال أقمار صناعية إلى المدار لتوليد الطاقة الشمسية ونقلها إلى الأرض لتغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي المتعطشة للطاقة.

هذه الخطوة تعكس رؤية جوجل طويلة الأمد لتقليل انبعاثات الكربون وتحقيق استقلالية أكبر في مجال الطاقة لتقنياتها المتقدمة.

ما هو مشروع Google Suncatcher؟

دمج الطاقة الفضائية مع البنية التحتية الأرضية

مشروع Suncatcher عبارة عن نظام مبتكر يعتمد على أقمار صناعية مزودة بألواح شمسية عالية الكفاءة تقوم بجمع الطاقة من أشعة الشمس في الفضاء.
وبدلًا من الاعتماد فقط على محطات الطاقة الأرضية، تعمل جوجل على تطوير تقنية نقل الطاقة من الفضاء إلى الأرض باستخدام موجات ميكروية أو ليزر آمن لتشغيل مراكز البيانات الخاصة بها.

هدف المشروع

الهدف الرئيسي هو توفير مصدر طاقة مستدام وغير متقطع لتشغيل الخوادم التي تدير خدمات الذكاء الاصطناعي مثل Google Cloud وGemini وDeepMind، والتي تستهلك كميات هائلة من الكهرباء.

لماذا تراهن جوجل على الفضاء؟

1. الطاقة الشمسية في الفضاء أكثر كفاءة

في الفضاء، لا توجد سحب أو تعاقب ليل ونهار، ما يجعل الطاقة الشمسية أكثر استقرارًا وفعالية بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالمصادر الأرضية.
هذا يعني أن مراكز البيانات يمكن أن تحصل على طاقة مستمرة على مدار الساعة دون الاعتماد على الطقس أو الموقع الجغرافي.

2. دعم التحول الأخضر

جوجل كانت من أوائل الشركات التقنية التي أعلنت عن التزامها بالاعتماد الكامل على الطاقة النظيفة بحلول عام 2030.
ويبدو أن مشروع Suncatcher هو الخطوة التالية في طريق تحقيق هذا الهدف، إذ يسمح للشركة بالابتعاد عن مصادر الطاقة التقليدية مثل الفحم والغاز.

مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى طاقة ضخمة

من المعروف أن نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة مثل Gemini وChatGPT تتطلب مراكز بيانات ضخمة تعمل باستمرار.
ومع تزايد الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي حول العالم، أصبحت تكلفة الطاقة والتبريد واحدة من أكبر التحديات التي تواجه شركات التقنية الكبرى.

وفقًا لتقارير بيئية، فإن استهلاك الطاقة لمراكز البيانات حول العالم قد يتجاوز 10% من إجمالي الطاقة المنتجة عالميًا بحلول عام 2030.
لذلك، فإن مشروع مثل Suncatcher يمكن أن يكون حلاً ثورياً لتلبية هذه الحاجة المتزايدة بشكل مستدام.

تحديات تواجه مشروع Suncatcher

رغم الطموح الكبير، إلا أن المشروع يواجه عدة تحديات تقنية وتنظيمية، من أبرزها:

  • نقل الطاقة بأمان من الفضاء إلى الأرض دون فقد كبير في الكفاءة.
  • تكلفة الإطلاق العالية للأقمار الصناعية المخصصة لهذا الغرض.
  • الحاجة إلى تنظيمات دولية تضمن سلامة نقل الطاقة عبر الغلاف الجوي دون التأثير على الطيران أو الاتصالات.

ومع ذلك، تمتلك جوجل موارد مالية وتقنية ضخمة تجعلها واحدة من القلائل القادرين على تنفيذ مشروع بهذا الحجم.

مستقبل الطاقة الفضائية في عالم التكنولوجيا

يعتقد خبراء الطاقة أن مشروع Google Suncatcher قد يكون النموذج الأول لتبني الطاقة الفضائية على نطاق واسع.
وفي حال نجاحه، قد نرى شركات أخرى مثل مايكروسوفت وأمازون تتبع نفس النهج لتقليل اعتمادها على مصادر الطاقة الأرضية.

كما يمكن أن يفتح المشروع الباب أمام ثورة في مجال الطاقة المتجددة، حيث يصبح الفضاء مصدرًا رئيسيًا لتزويد المدن والمصانع وحتى الدول بالطاقة النظيفة.

يُظهر مشروع Google Suncatcher كيف يمكن للابتكار أن يجمع بين التكنولوجيا والبيئة لخدمة مستقبل أكثر استدامة.
فإذا نجحت جوجل في تحقيق هدفها بتزويد مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي بالطاقة الشمسية من الفضاء، فسيكون ذلك تحولًا تاريخيًا في طريقة إدارة الطاقة عالميًا.

وبينما لا تزال التفاصيل التقنية قيد التطوير، إلا أن هذا المشروع يعكس بوضوح رؤية جوجل لمستقبل لا يعتمد على الوقود الأحفوري، بل على شمس لا تغيب — حتى في الفضاء.