يوتيوب يطلق أداة لرصد تقليد الأشخاص بالذكاء الاصطناعي

في ظل الانتشار المتسارع لتقنيات التزييف العميق (Deepfake)، أعلنت منصة يوتيوب عن إطلاق أداة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن مقاطع الفيديو التي تستخدم صورة أو صوت أشخاص حقيقيين دون إذنهم.
يأتي هذا التطور في وقت تتزايد فيه المخاوف من انتشار المحتوى المزيف على الإنترنت وتأثيره على الخصوصية، السمعة، وحتى الانتخابات.

ما الهدف من الأداة الجديدة؟

تركّز أداة “AI Likeness Detection” على مساعدة المنصة والمستخدمين في تحديد المحتوى الذي يستنسخ هوية أشخاص حقيقيين بطريقة رقمية.
تهدف هذه الميزة إلى حماية الأفراد من إساءة استخدام صورهم أو أصواتهم في فيديوهات تم إنشاؤها أو تعديلها بالذكاء الاصطناعي.

كيف تعمل الأداة؟

تعتمد الأداة على خوارزميات متقدمة للتعرّف على الأنماط الصوتية والمرئية المرتبطة بالبشر.
فعند رفع أي مقطع، تقوم أنظمة يوتيوب بتحليله لاكتشاف ما إذا كان يحتوي على عناصر مولّدة آليًا تشبه شخصًا حقيقيًا، مثل وجهه أو صوته.
وإذا تم اكتشاف ذلك، تُخطر المنصة صاحب الفيديو بضرورة الإفصاح عن استخدام الذكاء الاصطناعي أو تعديل المحتوى قبل نشره.

تأثير التقنية على منشئي المحتوى والمشاهدين

1. حماية الهوية الرقمية

تمنح الأداة المستخدمين مزيدًا من السيطرة على هويتهم الرقمية، إذ سيتمكّنون قريبًا من طلب إزالة المقاطع التي تقلّد ملامحهم أو أصواتهم دون موافقتهم.
هذا يعني أن يوتيوب لم يعد يكتفي بمراقبة حقوق الملكية، بل أصبح يطبّق حقوق الهوية الشخصية في العالم الرقمي.

2. تعزيز الثقة بالمحتوى

تسعى المنصة من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز ثقة الجمهور في المحتوى المنشور.
فمع الانتشار الواسع لمقاطع التزييف العميق، أصبح من الصعب على المشاهدين التمييز بين الحقيقة والاصطناع.
تفعيل أدوات الكشف سيجعل المشاهدة أكثر أمانًا وموثوقية.

لماذا الآن؟ تصاعد خطر التزييف العميق

شهد عام 2025 ارتفاعًا ملحوظًا في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج الفيديوهات الواقعية.
من المؤثرين المزيفين إلى الإعلانات المضللة، انتشرت حالات عدة لاستخدام صور أو أصوات أشخاص حقيقيين دون إذنهم، ما أثار قلقًا واسعًا لدى خبراء الخصوصية.

تأثير التزييف العميق على المجتمع

  • نشر أخبار كاذبة ومقاطع سياسية مزيفة.
  • التلاعب بسمعة شخصيات عامة أو مشاهير.
  • استخدام الصور الشخصية في محتوى مسيء أو مضلل.

لذلك، رأت غوغل ويوتيوب أن الوقت حان لتطبيق أدوات ذكية تحارب هذه الظاهرة من جذورها.

التزامات يوتيوب تجاه الشفافية

ضمن إطار سياستها الجديدة، ستُطالب يوتيوب منشئي المحتوى الذين يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج الفيديوهات بـ وضع وسم (Label) واضح يشير إلى أن المقطع يحتوي على عناصر مولّدة آليًا.
وتهدف هذه الخطوة إلى ضمان أن المشاهدين يدركون طبيعة المحتوى الذي يشاهدونه، سواء كان حقيقيًا أو تم تعديله.

ماذا يحدث في حال تجاهل الإفصاح؟

إذا لم يلتزم منشئ المحتوى بمتطلبات الإفصاح، فقد يواجه:

  • إزالة الفيديو من المنصة.
  • تعليق القناة في حال تكرار المخالفة.
  • إشعارات قانونية في حال تم الإضرار بسمعة شخص حقيقي.

أثر الأداة على مستقبل الذكاء الاصطناعي في المحتوى

يرى محللون أن هذه الخطوة من يوتيوب تمثل بداية مرحلة جديدة من التنظيم الذكي للمحتوى الرقمي.
فالذكاء الاصطناعي الذي كان يُستخدم لإنشاء مقاطع مدهشة، أصبح الآن أيضًا وسيلة لحماية الحقيقة من التزييف.

كما يتوقع أن تنضم منصات أخرى مثل تيك توك وإنستغرام إلى الاتجاه نفسه خلال الأشهر المقبلة، في محاولة لضبط استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج الفيديوهات.

بين الإبداع والمسؤولية

تسعى يوتيوب من خلال أداة AI Likeness Detection إلى إيجاد توازن بين حرية الإبداع وحماية الخصوصية.
فبينما يتيح الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة للمبدعين، فإنه يحمل أيضًا مخاطر كبيرة إذا لم يُستخدم بمسؤولية.

بهذه الخطوة، تثبت يوتيوب أنها لا تلاحق التطور التكنولوجي فحسب، بل تعمل أيضًا على بناء بيئة رقمية آمنة وموثوقة تحترم الإنسان أولًا.